الثلاثاء، 25 يونيو 2013

الحــــــــاج بن الســـــــالك بن فحفو (95 عاما)


المسومي الصنهاجي من أشهر علماء موريتانيا وزهادها ومن شيوخ المحاظر في موريتانيا الكبار، له مؤلفات كثيرة، وتخرج علي يديه شخصيات علمية ودعوية كثيرة.
ولنتحدث عن حياة الشيخ
وطريقته في العبادة ومذهبه في سلوك طريق الآخرة وأريحيته في الجود واتباعه في السنن .
هذا وإن كان خموله طوى عن الناس ذكره , فلا شك أنه مشهور لدى الملإ الأعلى وملائكة السحر بصلاة الليل وقراءة القرآن واتباع سنة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وهو مع ذلك جنيد عصره في التصوف ومالك قطره في الفقه وسيبويه مصره في النحو وأشعري أيامه في الكلام وقد نشأ شابا في طاعة الله تعالى وكهلا في عبادته فما رآه أحد يفعل مكروها ولا يخالف سنة فهو كما قال القائل :
فقيه ما تقلد قط وزرا **** ولا داناه في مثواه ذام
وجل فعاله صادات بر **** صلاة أو صلات أو قيام
قال عنه أحد العلماء :
العلم في الناس كثير إلا أن ورع الحاج بن السالك مفقود في غيره. فيه ملك لطلاب العلم ورواد المعرفة، فهو يجلس مع طلابه في المسجد بعد صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح فيصلي الضحى في المسجد ثم ينتقل بهم إلى خيمة بنيت على تل من الكتب فيجلس في ظل أول النهار فإذا تقلص عنه الفيء انتقل معه إلى مكان آخر وهكذا إلى أن تتوارى في الحجاب لا يشغله عن التعليم إلا أداء الصلوات في أوقاتها أما الليل فغالبا ما يجلس في فناء الخيمة مع طلابه إلى أن يذهب الثلث الأول فينام الثلث الثاني ويستيقظ ثلث الليل الأخير فيصلي صلاة الشفع والوتر أو ما شاء الله منها ثم يضطجع يقرأ القرآن إلى الفجر ولا أظن أن أحدا استيقظ آخر الليل إلا وسمع قراءته للقرآن ولهذا فهو يقول :
يا نفس قومي فارعوي وانزجري وفجأة الحمام منها فاحذري
ولذة الدنيــا جميعا فاهجري لاسيما الهجوع وقت السحر.
قيل له يوما : لم لا تتحرك فإن الجلوس يضر بصحتك فرد قائلا :
إن رياضتي في تدريس العلم
وقد كان مع زهده وورعه وعزوفه عن الدنيا محبا للأدب واللغة العربية وكان يتفاعل مع الشعر الجيد ويتأثر به كثيرا .
ومن المعروف عنه اتباعه للسنة وكراهيته لمحدثات الأمور وقد أفتى ببطلان الصلاة خلف كل ذي بدعة إلا أنه مع ذلك ما سمعه أحد يذكر أحدا معينا بسوء ولا فريقا من فرق الإسلام بشيء وإذا عرض أحد في مجلسه بعالم من العلماء يخالفه الرأي أو اتهمه في دينه أعرض عن الحديث وسكت عن الكلام ومن عجيب أمره أنه يكون مع جلسائه مثل الشاهد الغائب فهو معهم إذا كان الكلام في أمور الآخرة وأما إذا كان الحديث عن الدنيا فإنه يرحل من بين أيديهم ويشتغل بذكر الله تعالى أو قراءة القرآن كأنه دائما يعمل بقول الله تعالى ( قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون )
وكان في أكله وشربه كما قال أبو الطيب :
شرابه النشح لا للري يطلبه **** وطعمه لقوام الجسم لا السمن
أي أن حياته كلها لله فأكله وشربه لله ونومه ويقظته لله وحزنه وفرحه لله , ولذلك فقد نشر الله له القبول بين الناس فليس له حساد من العلماء ولا أعداء بين الجهال وطلابه يعرفون بالسمت الحسن وتلوح عليهم دلائل الصلاح وقد تخرج على يديه خلق كثير من العلماء والفقهاء والفضلاء من أشهرهم :
محمد يحيى بن الشيخ الحسين رحمه الله تعالى وكان عالما فاضلا متقنا للأصول .
ومحمد الأمين بن عبد الرحمن عالم جليل وهو ابن عم المؤلف ورفيق دربه يعلم في محضرته ويخلفه في الصلاة .
وأحمد فال بن أحمدن له محضرة خاصة به وهو من أفاضل العلماء وأكابر الصلحاء .
وللمؤلف تآليف نافعة وكلها مخطوطات وهي :
شرح لألفية ابن مالك وشرح للمقصور والممدود لابن مالك أيضا وشرح لقصيدة كعب بن زهير ( بانت سعاد ) ورسالة سماها ( لباب النقول في متشابه القرآن وأحاديث الرسول ) وشرح للشرنوبي بالإضافة إلى هذا الكتاب الذي بين أيدينا .
أما كرمه وجوده فهو كما قال القائل :
إنا إذا اجتمعت يومـــــا دراهمنـــا **** ظلت إلى طرق المعروف تستبق
لا يألف الدرهم المضروب صرتنا **** لكن يمر عليهـــــا وهو منـــطلق
وكانت تأتيه هدايا كثيرة فيفرقها أيادي سبا بين ذوي القربى والغرباء من طلاب العلم ومحاويج البلد .
على أنه لا يرد سائلا أبدا فيعطي من يستحق ومن لا يستحق وشيمته أن يدفع للأجير بغير حساب فيعطيه أكثر من حقه أضعافا كثيرة وعهدي بماله كما قال المتنبئ :
مال كأن غراب البين ينعبه **** فكلما قيل هذا مجتد نعبا
ثم إنه في هذا كله كما قال زهير بن أبي سلمى :
وما يك من خير أتوه فإنما **** توارثه آباء آبائهم قبل
وليس هذا من باب المدح أو الإطراء إنما هو جزء من حقيقة الشيخ وغيض من فيضه يعرف ذلك من يعرفه . انتهى كلامه
ولنا إضافة بسيطة وهي :
بالنسبة لكتب الشيخ فقد طبع منها إضافة إلى دليل الطلاب :
تنوير الحوالك على ألفية ابن مالك في مجلد واحد
إفادة القارئ والسامع على الدرر اللوامع في مقرأ نافع
شرح المقصور والممدود
لباب النقول في متشابه القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم
وهذه الكتب كلها ليس معها تحقيق ولا مقدمات ولا حتى ترجمة للمؤلف وقد طبعت طبعة واحدة أما دليل الطلاب فقد أعيدت طبعته مرة ثانية
ومن كتبه أيضا زيادة على ما تقدم شرح قصيدة زروق في صفاته صلى الله عليه وسلم
وفتاوى في ورقات قليلة
ومعظم كتبه إنما ألفه بسبب طلب من أحد فيقول في مقدمتها طلب مني بعض الطلبة .
وعن صفات الحاج نضيف أنه كان يحب حسن الثياب ويحب التعطر والتجمل مع الزهد والورع والتواضع الجم وكأنه يطبق قول القائل :
أجد الثيــــــــاب إذا اكتسيت فإنها **** زين الرجال بها تهاب وتكرم
ودع التواضع في اللباس تحرجا **** فالله يعلم مـــــــــا تكن وتكتم
فدنــــي ثوبك لا يزيـــــدك رفعة **** عـــند الإله وأنت عبد مجرم
وبهـــــاء ثوبك لا يضرك بعدما **** تخشى الإله وتتقـي ما يحرم
وقول محمد مولود بن أحمد فال رحمه الله تعالى :
والعلما يندب حسن الزي **** لهم ليعظموا لكف الغي
وأما عن كرم أخلاقه فحدث ولا حرج فإذا أتاه الإنسان سمع أنواع التراحيب مع الانبساط والمفاتحة والسؤال عن جميع ما يتعلق بالآتي من الأهل والأقارب وكان له اهتمام خاص بصنفين من الناس هما : الطلاب والضيوف
فهو كما قال الشاعر :
بشاشة وجه المرء خير من القرى **** فكيف بمن يأتي به وهو ضاحك . وقد ورد في التقرير السنوي ل (500) شخصية مؤثرة في العالم
هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه و أطال الله في عمر الشيخ الحاج


والله ولي التوفيق...

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites